رسالتنا : التنظيم القائد .. لا تنظيم القائد

منذ التحضيرات الأولى، وإعدادات النشأة، والإستعداد للإنطلاقة، ومن ثم الإنطلاقة وما تلاها من إرهاصات وتطورات ومستجدات على كافة المستويات وصولاً لإعلان الدولة وإقامة أول سلطة وطنية على الأرض الفلسطينية ... والشروع في بناء أسس ومقومات الدولة الفلسطينية المنشودة لا زالت حركة التحرير الوطني الفلسطيني تعيش حالة من الصراع الداخلي بين مكوناتها القاعدية والقيادية / حول الرؤية والمنطلقات / التي تحملها، وإنحسر هذا الصراع في الإطار الداخلي للحركة والمتمثل في تنازع الصلاحيات حول دور الأطر القاعدية والقيادية المتقدمة وصولاً لمؤسسة المجلس الثوري / بالرغم من أن النظام الأساسي وكذلك النظام الداخلي تضمنا الأسس والضوابط الناظمة لتوزيع الصلاحيات والمسؤوليات في الإطار التنظيمي / إلا أن صفة التجاوز والقفز على الأسس والضوابط الناظمة كانت ملازمة للأداء الفتحوي تحت ذرائع ومبررات متعددة ساهمت في حالة التعويم والتعتيم وغياب القدرة على المحاسبة والتقييم والتقويم في مراحل ومنحنيات دقيقة مرت بها الحركة / حيث منحت القيادة ( الخلية القيادية الأولى ) لنفسها حق التصرف بكل شؤون الحركة وصادرت دور الخلية القيادية الثانية ( المجلس الثوري ) وفي هذا الجو كان رأس الهرم أيضاً يصادر دور الخلية القيادية الأولى ويحتفظ لنفسه بحق التصرف والتقرير بكل شأن...


وإذا كان المؤتمر العام السادس للحركة الذي عقد قبل عام قد أدخل جملة من التغييرات على النظام الداخلي للحركة وإحتفظ بالنظام الأساسي كما هو / فقد أخذ في عين الإعتبار تشديد الضوابط والمحددات المؤهلة لترسيخ وتجسيد مفهوم الشراكة الكاملة بالتعاون والتكامل بين الأطر القيادية المختلفة والهيئات التابعة لها لضمان سير العمل الحركي والتنظيمي بإنسجام وإيجابية / وأهم تلك الأسس التأكيد على أن حركة فتح هي التنظيم القائد حتى لو أراده البعض تنظيماً للقائد / أو تنظيم القيادة / حيث أن هذه الجدلية كثيراً ما أضعفت الحركة وجعلتها مشلولة... لغياب الشراكة في وضع السياسات والمشاركة في صناعة القرار / وبالتالي لا يمكن العودة للوقوع في ذات الأخطاء والتعاطي مع تلك التجاوزات / مع كل الإحترام لدور القائد وتقدير دور الخلية القيادية الأولى والمساحة المطلوبة لإنجاز المهام المطلوبة على إعتبار أنها قيادة العمل اليومي للحركة في كافة المجالات / وبإعتبارها أيضاً قيادة الشعب الفلسطيني / وهذا لأن فتح التنظيم والحركة قد منحهم هذا التكليف المشرّف!!!


ومن هنا فإن الخلية القيادية الأولى ( اللجنة المركزية ) يجب أن تلتزم وفق النظام بتنفيذ السياسات والقرارات المتخذة في الخلية القيادية الثانية ( المجلس الثوري ) وهم أعضاء وشركاء فيها / ومن غير المسموح / أن تصبح تلك القرارات الصادرة عن المجلس الثوري خاضعة للمزاج سواء الفردي أو الجماعي للخلية القيادية الأولى / لأنها تحمل صفة الإلزام حسب النظام / والنظام هو العقد التنظيمي والسياسي والأخلاقي الذي يحكم العلاقة بين المستويات الحركية كافة / والعقد شريعة المتعاقدين وملزم لأصحابه قانوناً وعرفاً وشرعاً / ومن يخالف العقد المتفق عليه / لا يستطيع أن يلزم الآخرين به / وفق مصلحته ورؤيته وحساباته / وهذا يعني إنفراط العقد / وهو ما لا يرغب به أو يريده أحد...


وإذا كانت الخلية القيادية الأولى مفوضة بإدارة الشأن الداخلي للحركة عبر الأجهزة والمفوضيات المختصة / وتضطلع بمهامها في الشأن الوطني ( السلطة والمنظمة ) ... فإن المجلس الثوري ( الخلية القيادية الثانية ) بقراراته يلزم الخلية القيادية الأولى بالعمل على تطبيقها وتنفيذها فيما يتعلق بالشأن الوطني / ولا يمكن تجزئة دور ومهمة المجلس الثوري وحصره فقط في الإطار الفتحوي الداخلي / لأنه أعلى مؤسسة قيادية في الحركة عند إنعقاده وقراراته تحمل صفة الإلزام للمستويات القيادية والقاعدية كافة وهي واجبة التنفيذ حسب النظام...

لذلك فإن الخلية القيادية الأولى ( اللجنة المركزية ) غير أنها تقوم بأداء عملها تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة سواء أمام المجلس الثوري أو المؤتمر العام عند إنعقادهما فإن تفعيل وترسيخ منطق الشراكة والتكامل وإستبعاد منطق الإستحواذ والهيمنة يهيئ لها أسباب النجاح والإسناد والدعم التنظيمي، وبالتالي الإنسجام والتناغم في الأداء الحركي والوطني، وتقوية وتعزيز منظومة العمل التنظيمي وإستعادة روح وهيبة الحركة على مختلف الصعد / خصوصاً أن فتح كحركة وطنية لا تحتمل التفرد أو الإقصاء وإذا كانت هي في طليعة من ينادي بالتعددية ويؤكد على الشراكة والمشاركة في إتخاذ القرار وتحمل المسؤولية على الساحة الوطنية فكيف يكون الأمر بداخلها؟! وإذا كان الجميع في حركة فتح يؤمن في كل مرحلة بشعار / التنظيم ثم التنظيم ثم التنظيم / لابد من التأكيد أنه لا تنظيم بلا نظام / ومن هنا فإن أي قرار يتجاوز الإلتزام والتقيد بالنظام مطعون بشرعيته حتى لو تم التصويت عليه بالإجماع سواء في الخلية القيادية الأولى أو الثانية ( اللجنة المركزية والمجلس الثوري ) لأن الأصل هو الإلتزام بالنظام ( فما بني على باطل فهو باطل ) فكيف بالأمر إذا تعارض مع النظام وخالف قرارات المؤتمر العام؟؟؟