فتحاوي عضو نشيط جدا
عدد المساهمات : 196 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : فلسطين
| موضوع: إلى " حكومة حماس .. " كفاكم عبثاً بحقوق الصحافة !؟ الجمعة أكتوبر 15, 2010 3:45 pm | |
| إلى " حكومة حماس .. " كفاكم عبثاً بحقوق الصحافة !؟
بقلم الصحفي : تميم معمر- غزة
أستهل كتابتي هذه لحكومة حماس , بقوله تعالى في الآية الكريمة " إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ
نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" وبحسب تفسير أهل العلم بقوله تعالى : " فلا تخشوهم " يريد الناس " واخشوني " الخشية
أصلها طمأنينة في القلب تبعث على التوقي. والخوف : فزع القلب تخف له الأعضاء ، ولخفة الأعضاء به سمي خوفاً .
ومعنى الآية التحقير لكل من سوى الله تعالى ... والأمر باطراح أمرهم ومراعاة أمر الله تعالى . كذلك أذكًر حكومة
حماس في هذا السياق بمقولة أمير المتحدثين خليفة المسلمين الرابع علي بن أبي طالب – كرّم الله وجهه – " لا يضيع
حق وراءه مطالب " , والتي لا زالت هذه المقولة تتردد في حياتنا حتى الآن , كونها من المقولات الوضاءة والتي تحمل
معاني سامية عميقة تتسم بالشحن الموجه والسعي لتحقيق المراد ، لتبث في صاحب الحق روح المطالبة بحقه وعدم
التنازل عنه. لكن من غير المنطقي أن يكون الإنسان غير مدركاً لمعنى الحق ليطالب به ..! حتى لا يتحرك في صحراء
دون فائدة , أو بشكل عشوائي دون أن يعلم الخط الذي يسير عليه ، ولعل المحطة الأولى هنا أن يعرف الإنسان ماذا
يريد قبل التحرك نحو نيل حقه . لكن وفق ما تشير الوقائع والدلائل فإن واقعنا في قطاع غزة له طابع خاص .. لدرجة
ربما ضياع الحق وصاحبه !! ورسالتي هنا لحكومة حماس , وأحد أجهزتها الأمنية وهو " الأمن الداخلي " والذي لا
زال مستمراً بتقييد عمل الصحافيين إلا وفق وجهة نظرهم , وصولاً إلى إغلاق مقر نقابة الصحافيين بغزة , في حين لا
زال يمنعني وغيري الكثير من حقوقنا في السفر , وكذلك منع الحريات باعتبارها حق من حقوق كل مواطن , وللأسف
أيضاً انه لا يقبل أي مناقشة – وبكل كبرياء – حول أي أمر أو قرار يتخذه دون اعتبار أو اهتمام بردود أي فعل من
صاحب أي حق من الحقوق . لكن يجب عليه أن يعلم أن مجرد المطالبة بالحق دليل الحق. بمعنى أن لو أن شخصاً ما لا
يشعر بأن الحق الفلاني له، فكيف يبرر مطالبة الآخرين به ؟! كيف يطالب الآخر بما ليس له ؟ إن مطالبته بالحق هي
التي تضغط على منتهكيه أو سالبيه للتنازل عنه وإرجاعه لأصحابه ، وبذلك لا يمكن أن يضيع ذلك الحق. إنها حقيقة -
يؤكدها كلام الإمام علي - كرم الله وجهه - بأن المعرفة حجة، وبأن المعرفة بالشيء وتعريفه تمنع الجهل به وضياعه.
عليه، تصبح مسألة وقت وجهد ، لنيل ذلك الحق وتحقيقه. لا يمكن لطالب الحق أن ينسى حقه وطريقة الوصول إليه. كما
لا يمكن لمنتهك الحق ومانعه أن يستمر في منهجية نكران الحق وحرمان أهله منه في ظل وجود من يعرف أن له حقاً
ويطالب به. وعليه أقول للأمن الداخلي , إن كان يرى أن من حقه أن يمنع أحداً من السفر , فليأتي البرهان والحجة..!!
والحق هنا ليس بالكلام واتخاذ الإجراء فقط ... بل بتبرير سبب المنع من خلال برهان ودليل واضح وفق الحق الشرعي
والقانون . لكننا نرى – للأسف – بان الأمن الداخلي لا يتوقف في محاولاته تحجيم الصحفيين وتقييد حريتهم , وملاحقة
كل صاحب رأي بسبب أن رأيه مغايراً لعقلية السلطة الحاكمة . ولذا فإن مختلف حقوق الصحفيين المسلوبة لن يغفره الله
لكم لأنه باطل بكل المقاييس . كما يجب إدراك أن هذه الممارسات ليست قوة , إنما هي في الحقيقة محاولات يائسة
تعكس عدم ثقة أكثر منها حقاً وعدلاً .. – بحسب وجهة نظركم - كما أنها تثبت الفشل السياسي في قيادة المجتمع . فأين
أسس الديمقراطية التي منحتكم الوصول للحكم ؟! أين احترام كرامة الإنسان ؟ وأين التعامل بأسلوب حضاري
وديمقراطي مع مختلف قضايا حقوق الإنسان ؟ فالصحافة يجب أن تكون حرة ومن حقها , باعتبارها السلطة الرابعة،
لأنها تعكس للمجتمع الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما هي , كما أن من الحق البديهي للإعلام الحر
مراقبة الأداء السياسي لأي حكومة , ومدى التزامها بوعودها وتعهداتها للجماهير لمعالجة مشاكله الاجتماعية والسياسية
والاقتصادية وتحسين ظروفه المعيشية ، لكن ما نجده هو التركيز على تحجيم دور الإعلام والصحفيين ومضايقتهم ,
وصولاً لإقدامهم الأخير بإغلاق مقر نقابة الصحافيين بغزة , ومنع الكثير من حق السفر , كما حصل معي ومع غيري .
في حين لا بأس إن بقيت الجماهير في حالة عزلة ووضعها في موقع المتفرج ..!! صدقاً ينتابني شعور وأنا أكتب
رسالتي هذه , كمن ينطبق عليه المثل القائل " أنفخ في قربة مخرومة .. " . ترى لماذا يصل بنا الشعور لهذا الحد ؟! ألا
تعرفون الحق والحقوق ؟! أليس لكم القدرة على تقييم ما هو حق وما هو باطل ؟! ألا تدركون بأنه يحق لكل مواطن
التعبير عن رأيه وأفكاره كان ذلك شفهياً أو من خلال الطباعة , كما انه يتوجب عليكم دون أدنى نقاش أو مراوغة
بالسماح بتوزيع الصحف والمجلات في قطاع غزة , دون التعرض لأحد بالملاحقة أو الإيذاء أو تقييد حركته وتنقله !!
إن ابسط تعريف للديمقراطية هو الاستماع إلى الرأي الأخر واحترامه والقبول به مهما كان مخالفاً لرأيكم ولوجهة
نظركم ولأفكاركم ، وقبوله لا يعني بالضرورة الاعتراف به. هذه الثقافة وللأسف الشديد غير موجودة لا في داخل
المجتمع ولا عند الأحزاب. بل لا توجد مساحة للحوار أصلاً. حيث يتم التعامل من قبل السلطة الحاكمة مع الرأي الأخر
والمغاير لعقليتها باعتبارها جريمة وخروج عن القانون وتهديداً لوجودها. بالتالي يجب القضاء عليه أو على أقل تقدير
تحجيمه بشتى الوسائل. برأيي المتواضع لو أن مثل تلك الظواهر تحدث في بلد يحترم حقوق الإنسان لتنحّت الحكومة
جانباً معترفةً بالضعف والتقصير وعدم القدرة على تجاوز ذاتها وفكرها .. لكن ما دمنا في بلاد مثل بلادنا فلا غرابة
..! يجدر بي الإشارة هنا إلى أهمية الدور الذي بالإمكان أن يلعبه "القانون" ليس في نظم الحياة فحسب، بل وفي كبح
جماح
سلوك الكراهية ومسبباتها، فالقيمة تكمن أولا في إيجاد محفزات تفضي إلى بث ثقافة التسامح والعيش المشترك، كما أن
" القانون " أيضاً هو الناظم الطبيعي للحياة المشتركة بين المتغايرين؛ ومن خلاله تتحقق العدالة والمساواة بين أبناء
الوطن الواحد، كما أنها في الوقت نفسه تُعد منظومة من القيم الرادعة لمن يفكر في انتهاك حق الآخر، والناس كافة؛
متساوون أمام القانون. هذا ما ينبغي أن تسعى إليه الحكومات من أجل تحقيقه وتطبيقه ؛ وفق مرتكزات العدالة والحرية
والمساواة، هذا إذا ما أردنا أن نعيش اللحظة المسؤولة والمستقبل الآمن الذي يضمن سلامتنا وسلامة أبنائنا من الأجيال
القادمة. ولا ننسى بأننا جميعاً مسؤولون أمام الله . وأختم أيضاً بقوله تعالى في العدل , " وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً
لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " .
| |
|