الدكتور فتحي الشقاقي
الدكتور فتحي الشقاقي أحد أهم المفكرين الاسلاميين بعد السيد قطب بما اتى به القرن العشرون و بما وضعه من أسس حضارية تتعامل مع مفهوم الرسالة الاسلامية ووجوب انتشارها كقانون إلاهي يحقق العدل والمساواة على الكرة الأرضية مع الاعتماد على خيار الجهاد لصون حقوق الامة امام القوى الغازية وفرضيات ما يسمى بمنظومة العولمة التي تاتي بها الحملات السابقة والراهنة والاتية على المنطقة .
للمفكر الإسلامي الدكتور فتحي الشقاقي عديد من المؤلفات التي تناولت جميع جوانب التحديث في الفهم من علاقة الإنسان المسلم بربه وفرضية الجهاد كفرض عين على كل مسلم وتناول في كثير من محاضراته وكتاباته ونقده للحركات الإسلامية مع التوضيح لسبب الفشل التي أصيبت به قائلا ً أن التنظيم روح وهدف ونتيجة وليس شكل أو هيكل ولذلك عندما انبثقت اللبنة الأولى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قد أضاف ما افتقدته الحركات الإسلامية السابقة .
يعتبر الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي المؤسس لحركة الجهاد الاسلامي التي تمتاز بدقة تنظيمها حيث يعتبر تنظيم حركة الجهاد الإسلامي قائم على مبدأ السرية المطلق وعملية الكيف وليس الكم وهذا يعطيها المقدمة في الأهمية لدقة تنظيمها وخطورته على إسرائيل وما يسمى بالحمائم في الساحة الفلسطينية إذا صح التعبير ولذلك وبرغم أن الاستهدافات الإسرائيلية لكل فصائل العمل المسلح إلا أن سرايا القدس تستهدف وبدقة ويعتبر حركة الجهاد الإسلامي هي من أخطر الفصائل على المنظومة العلمانية في الساحة الفلسطينية والعربية ، أما على المستوى الدولي فإن حركة الجهاد الإسلامي تعتبر هي أحد الأركان الأساسية في تعيطل البرنامج الصهيوني على الأرض الفلسطينية وهي عرضة للملاحقة من عدة أنظمة تعتبر أن فكر حركة الجهاد فكر متطرف عصي عن التنازل أو التأويل سياسيا وعقائديا ً ، فلقد أعتبرت حركة فتح ودخولها بالبرنامج المرحلي هي حلقة من حلقات التنازل إلى أوسلو وإلى خارطة الطريق إلى ما يسمى بالشرعية العربية تلك الشعرية التي يرى فيها حزب الجهاد هي نفس الشرعية التي عملت على سقوط فلسطين سنة 1948 وما قبلها وكذلك الدخول في مجال الإملاءات الأمريكية التي تطالب علناً
وبدون مقابل سياسي الاعتراف بالكيان الإسرائيلي بوجوده في فلسطين ،أما حماس فيرى حزب الجهاد الإسلامي أن مجرد وجودها في السلطة هو يعتبر نوع من الجنوح والتنازل السياسي عن الفكر والممارسة .
ويبقى موضوع الخلاف بين الجهاد الإسلامي وحماس خاضع للتداول والنقاش ولا يخرج إلى حيز الخطوط الحمراء بين الفصيلين وبين جوهر الأهداف والاستراتيجية ولو أن حماس قبلت بدولة في الضفة وغزة .
المبادئ العامة التي أرساها الدكتور فتحي الشقاقي:-
تلتزم حركةالجهاد الاسلامي فـي فلسطيـن بالاسلام عقيدةوشريعة ونظام حياة ، وكأداة لتحليل وفهم طبيعة الصراع الذي تخوضه الامة الاسلامية ضد اعدائها ، وكمرجع اساسي فـي صياغةبرنامج العمل الاسلامي للتعبئة والمواجهة.
فلسطيـن ـ من النهر الى البحر ـ ارض اسلامية عربية يحرم شرعا التفريط فـي اي شبر منها ، والكيان الصهيوني وجود باطل ، يحرم شرعا الاعتراف به على اي جزء منها.
يمثل الكيان الصهيوني رأس الحربة للمشروع الاستعماري الغربي المعاصر فـي معركته الحضارية الشاملة ضد الامة الاسلامية، واستمرار وجود هذا الكيان على ارض فلسطيـن وفي القلب من الوطن الاسلامي ، يعنى استمرار وهيمنة واقع التجزئة والتبعية والتخلف الذي فرضته قوى التحدي الغربي الحديث على الامة الاسلامية.
لفلسطين من الخصوصية المؤيدة بالبراهين القرآنية والتاريخية والواقعية ما يجعلها القضية المركزية للامة الاسلامية التي باجماعها على تحرير فلسطيـن ، ومواجهتها للكيان الصهيوني ، تؤكد وحدتها وانطلاقها نحو النهضة.
الجماهير الاسلامية والعربية هي العمق الحقيقي لشعبنا فـي جهاده ضد الكيان الصهيوني ، ومعركة تحرير فلسطيـن وتطهير كامل ترابها ومقدساتها هي معركة الامة الاسلامية باسرها ، ويجب ان تسهم فيها بكامل امكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية ، والشعب الفلسطيني والمجاهدون على طريق فلسطيـن هم طليعة الامة فـي معركة التحرير ، وعليهم يقع العبىء الاكبر فـي الابقاء على الصراع مستمرا حتى تنهض الامة كلها للقيام بدورها التاريخي فـي خوض المعركة الشاملة والفاصلة على ارض فلسطين.
وحدة القوى الاسلامية والوطنية على الساحة الفلسطينية ، واللقاء فـي ساحة المعركة ، شرط اساسي لاستمرار وصلابة مشروع الامة الجهادي ضد العدو الصهيوني.
كافة مشاريع التسويه التي تقر الاعتراف بالوجود الصهيوني فـي فلسطين او التنازل عن اي حق من حقوق الامة فيها ، باطلة ومرفوضة.
أهداف الحركة :-
تسعى حركة الجهاد الاسلامي فـي فلسطين الى تحقيق الاهداف التالية:
تحرير كامل فلسطين ، وتصفية الكيان الصهيوني ، واقامة حكم الاسلام على ارض فلسطين ، والذي يكفل تحقيق العدل والحرية والمساواة والشورى.
تعبئة الجماهير الفلسطينية واعدادها اعدادا جهاديا، عسكريا وسياسيا ، بكل الوسائل التربوية والتثقيفية والتنظيمية الممكنة ، لتأهيلها للقيام بواجبها الجهادي تجاه فلسطين.
استنهاض وحشد جماهير الامة الاسلامية فـي كل مكان ، وحثها على القيام بدورها التاريخي لخوض المعركة الفاصلة مع الكيان الصهيوني.
العمل على توحيد الجهود الاسلامية الملتزمة باتجاه فلسطيـن، وتوطيد العلاقة مع الحركات الاسلامية والتحررية الصديقة فـي كافة انحاء العالم.
الدعوة إلى الإسلام بعقيدته وشريعته وآدابه ، وإبلاغ تعاليمه نقية شاملة لقطاعات الشعب المختلفة ، وإحياء رسالته الحضارية للأمة والإنسانية.
وسائل الحركة لتحقيق اهدافها:
تعتمد حركة الجهاد الإسلامي فـي فلسطين لتحقيق أهدافها الوسائل التالية:
ممارسة الجهاد المسلح ضد اهداف ومصالح العدو الصهيوني.
اعداد وتنظيم الجماهير ، واستقطابها لصفوف الحركة ، وتأهيلها تأهيلا شاملا وفق منهج مستمد من القرآن والسنة ، وتراث الامة الصالح.
مد اسباب الاتصال والتعاون مع الحركات والمنظمات الاسلامية والشعبية ، والقوى التحررية فـي العالم لدعم الجهاد ضد الكيان الصهيوني، ومناهضة النفوذ الصهيوني العالمي.
السعى للقاء قوى شعبنا الاسلامية والوطنية العاملة على ارض المعركة ضد الكيان الصهيوني ، على ارضية عدم الاعتراف بهذا الكيان ، وبناء التشكيلات والمنظمات والمؤسسات الشعبية اللازمة لنهوض العمل الاسلامي والثوري.
اتـخاذ كافة الوسائل التعليمية والتنظيمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية والسياسية والعسكرية ، مما يبيحه الشرع ، وتنضجه التجربة من اجل تحقيق اهداف الحركة.
استخدام كل طرائق التأثيـر والتبليغ المتاحة والمناسبة من وسائل الاتصال المعروفة والمستجدة.
انتهاج مؤسسات الحركة وتنظيماتها من اساليب الدراسة والتخطيط والبرمجة والتقويم والمراقبة بما يكفل استقرار الحركة وتقدمها
لم يكن الشقاقي مجرد قائد محنك، بل تعدى حدود القيادة ليكون أخًا وزميلاً لكل أبناء المقاومة الفلسطينية فقد عُرف عنه نزاهة النفس، وصدق القيادة.. أحب فلسطين كما لم يحبها أحد، بل ما لم
يقول عنه د. رمضان عبد الله بعد اغتياله الامبن العام للحركة : كان أصلب من الفولاذ، وأمضى من السيف، وأرقّ من النسمة. كان بسيطًا إلى حد الذهول، مركبًا إلى حد المعجزة! كان ممتلئًا إيمانًا، ووعيًا، وعشقًا، وثورة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه. عاش بيننا لكنه لم يكن لنا، لم نلتقط السر المنسكب إليه من النبع الصافي "وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي"، "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَ?لِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي"، لكن روحه المشتعلة التقطت الإشارة فغادرنا مسرعًا ملبيًا "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى".
الشقاقي الشهيد الحي:-
وصل الشقاقي إلى ليبيا حاملاً جواز سفر ليبيا باسم "إبراهيم الشاويش"؛ لمناقشة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين على الحدود الليبية المصرية مع الرئيس القذافي، ومن ليبيا رحل على متن سفينة إلى مالطا باعتبارها محطة اضطرارية للسفر إلى دمشق (نظرًا للحصار الجوي المفروض على ليبيا)، وفي مدينة "سليما" بمالطا وفي يوم الخميس 26-10-1995م اغتيل الشقاقي وهو عائد إلى فندقه بعد أن أطلق عليه أحد عناصر الموساد طلقتين في رأسه من جهة اليمين؛ لتخترقا الجانب الأيسر منه، بل وتابع القاتل إطلاق ثلاث رصاصات أخرى في مؤخرة رأسه ليخرَّ "أبو إبراهيم" ساجدًا شهيدًا مضرجًا بدمائه.
فرَّ القاتل على دراجة نارية كانت تنتظره مع عنصر آخر للموساد، ثم تركا الدراجة بعد 10 دقائق قرب مرفأ للقوارب، حيث كان في انتظارهما قارب مُعدّ للهروب.
رحل الشقاقي إلى رفيقه الأعلى، وهو في الثالثة والأربعين من عمره مخلفًا وراءه ثمرة زواج دام خمسة عشر عامًا، وهم ثلاثة أطفال وزوجته السيدة "فتحية الشقاقي" وجنينها.
رفضت السلطات المالطية السماح بنقل جثة الشهيد، بل ورفضت العواصم العربية استقباله أيضًا، وبعد اتصالات مضنية وصلت جثة الشقاقي إلى ليبيا "طرابلس"؛ لتعبر الحدود العربية؛ لتستقر في
"دمشق" بعد أن وافقت الحكومات العربية بعد اتصالات صعبة على أن تمر جثة الشهيد بأراضيها ليتم دفنها هناك.
الجثة في الأرض.. والروح في السماء
في فجر 31-10-1995 استقبل السوريون مع حشد كبير من الشعب الفلسطيني والحركات الإسلامية بكل فصائلها واتجاهاتها في كل الوطن العربي جثة الشهيد التي وصلت أخيرًا على متن طائرة انطلقت من مطار "جربا" في تونس، على أن يتم التشييع في اليوم التالي 1-11-1995، وبالفعل تم دفن الجثة في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك بعد أن تحول التشييع من مسيرة جنائزية إلى عرس يحمل طابع الاحتفال بجريمة الاغتيال، حيث استقبله أكثر من ثلاثة ملايين مشيع في وسط الهتافات التي تتوعد بالانتقام والزغاريد التي تبارك الاستشهاد.
مع تحياتى
الادراره